مقالات

لنحارب “الإيبولا”..!! / حبيب الله ولد أحمد

لم ولن تواجه إفريقيا عدوا أشرس من “الإيبولا”، فالجفاف، والحروب الأهلية والبينية، ومشاكل الجوع والجهل، وتوقف التنمية، وغياب العدالة الاجتماعية، دونها فتكا وأقل منها تكلفة وتهديدا لمستقبل شعوب ودول القارة التي يبدو أنه لم يعد لديها ما تصدره للعالم من حولها سوى “الإسهالات الوبائية”..!!

لنتذكر في عجالة ان “الإيبولا” فاقت في وقت قياسي ـ من حيث الفتك والقدرة على الانتشار والآثار السلبية صحيا واقتصاديا واجتماعيا ونفسيا ـ أمراضا وأوبئة أخرى كانت ـ وإلى وقت قريب ـ هاجس رعب حقيقي للدول والمجتمعات، خاصة في إفريقيا وآسيا، مثل “الكوليرا” و”السيدا” و”التيفوئيد” وغيرها..!!

ولنلاحظ أن العالم كله استشعر الخطر،والتمويلات بدأت تضخ في مجهود عالمي كبير، للحد من انتشار “الإيبولا” وآثارها الكارثية بكل المقاييس، فمنظمة الصحة العالمية ترغى وتزبد، وتعقد اجتماعات القمة للفت الانتباه لخطورة الوضع في إفريقيا، والدول الكبرى بدأت إجراءات عاجلة لتطويق الوباء، فالعالم أصبح في “علبة” واحدة، وما يواجه إفريقيا اليوم، تدرك أوروبا أنها ستواجهه غدا، وتنتفض آسيا لمواجهته بعد الغد، وهكذا

إن ظروفا كثيرة تتضافر ـ مع الأسف ـ لإكساب “الإيبولا” كل ما هو ممكن من نفش وتمنع وتوسع، ومن تلك الظروف:

ـ غياب التغطية الصحية الفعالة والمدعمة في الدول الإفريقية عامة وخاصة تلك التي تحركت منها “الإيبولا” ( سيراليون، غينيا، ليبيريا، نيجيريا) وضعف التعليم والوعي الصحي

ـ انتشار الممارسات الضارة بالصحة وسط علاقات اجتماعية مفتوحة ومريبة وغير متوازنة

ـ وجود ظروف مناخية حاضنة للفيروسات وناقلات المرض مثل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة

ـ تفشى الهجرة بين البلدان دون ضوابط أو تنظيمات أمنية أو قانونية مع غياب أجهزة الرقابة الصحية على المعابر والمنافذ الحدودية

ـ ضعف الوسائل التشخيصية الطبية مع تشابه في الأعراض والسريريات بين “الإيبولا” وأخواتها من الحميات النزيفية الغامضة بل حتى مع بعض الحميات البسيطة والعابرة

ـ انعدام الثقة بين معظم المجتمعات المحلية الإفريقية ودولها المركزية ومنظوماتها الصحية فبدلا من إبلاغ الحكومات بحالات مرضية مريبة أو التقيد بنصائحها والالتزام بنظمها الصحية فإن تلك المجتمعات تتداوى ذاتيا وتفضل الانطواء على النفس بمرضاها ومعاناتهم ومن ذلك ما شهدته عواصم دول إفريقية من قذف لجثث ضحايا “الإيبولا” في الشوارع خلسة للتخلص منهم والإفلات من الإجراءات الصحية الاستثنائية المترتبة عن اكتشاف حالات المرض وربما أيضا لمعاقبة الحكومات على التأخر في محاربة الوباء وحماية الناس منه

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button