لمصلحة من يظل العقيد خارج إطار المساءلة؟
على مدى ما يناهز عقدين من الزمن من عهد عرابه، حصل العقيد اعلي ولد محمد
فال، مدير الأمن “العتيد” على فرصة جمع المال والثراء، مستغلا موقعه في
نظام ولد الطايع، ومسخرا “وسائل” الدولة في سبيل تحقيق هذا الهدف.. هكذا
عرفناه “رمزا للفساد والمحسوبية والزبونية”، وهكذا أراد الرجل أن يعرفه
الآخرون..
شاخ نظام “العراب” ونخره السوس، وكان لابد له من هذا المصير.. وكان على
العقيد أن يرحل مع “رفيق دربه” إلى مزبلة التاريخ، لولا أنه قفز من
السفينة الغارقة في آخر لحظة، وانضم متأخرا إلى موكب التغيير ليلعب القدر
لعبته الغريبة، ويقذف بالرجل فجأة إلى قلب الأحداث، ويتحول بقوة الأشياء
إلى “منقذ”، على رأس المجلس الأعلى للدولة، لا لشيء إلا لأن شرف الجندية
دفع رواد التغيير الحقيقيين إلى احترام متطلبات الأقدمية العسكرية…
لعب العقيد ذلك الدور الذي رسم له في الفترة الانتقالية، وتوارى عن
الأنظار، حيث نسيه الموريتانيون بسرعة، رغم أنه حاول مرارا أن يذكر بنفسه
دون جدوى، من خلال إطلاق مواقف مدوية، توجها بالترشح لرئاسيات حصد فيها
خسارة مرة…
اليوم، يطل علينا “كبش الأنبياء”.. عفوا، العقيد اعلي ولد محمد فال،
ليذكرنا بحقيقته القديمة المتجددة، فقد أعلن الرجل ولاءه الذي لم يتبدل
يوما لعرابه معاوية ولد سيدي احمد ولد الطايع، لينتفي لديه أي مبرر
أخلاقي للانقلاب عليه، ويؤكد أنه لا علاقة له حقا بتغيير الثالث من أغسطس
2005…
غير أن الأخطر في كلام الرجل هو حديثه عن الجيش الوطني، وتهديده العلني
للنظام…زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا…
حقا، لا بد أن الرجل لا يزال يحتفظ بحماية “فلول” نظام عرابه، وإلا
فلماذا لم تشمله حتى الآن حملة مكافحة الفساد والمحاسبة، فالجريمة لا
تسقط بالتقادم، رغم أنه يعطي الذريعة والمبرر مرارا، ويذكرنا في كل مرة
أنه لا يزال موجودا، على طريقة “كبش الأنبياء”…
محمد الأمين ولد أحمد
ahmedlamineah@gmail.com