أخبارأخبار عاجلةثقافة وفنعربيمقالات

الشيخ محمد لغظف الجكني .. العلامة الموريتاني الذى انبهر به أحد سلاطين المغرب

أنباء انفو- لم يكن الشيخ محمد لغظف الجكني رجل علم وفقه وفتوى فحسب ، بل كان أيضا رجل صدق  وخلق وكرم ، كرس كل حياته للعلم والتعليم  .. حتى انبهر بذكائه وسعة علمه سلاطين المغرب الذين اعتمدوه على رأس هرم مجلس الفتوى .

تحدث عنه ملك المغرب مولاي عبد الحفيظ، فى مقدمة  كتابه “العذب السلسبيل فى حل ألفاظ خليل ” يقول:

أما بعد فإني منذو زمن الشباب و قلبي مشتاق للعلم و أهله حتي جمعني الله مع كثير من العلماء فازداد قلبي لهم حبا و تيهوني فما ملكت معهم عقلا و لا لبا و لا سيما علماء شنقيط الذين تحلوا بحلي لا يكاد القلم يحيط و لي فيهم و الحمد لله عدة شيوخ سامرتهم  و مارستهم في قراءاتهم و عباداتهم
فمن أشياخي منهم الولي الصالح و القطب الواضح ذو التآليف العديدة و الفوائد المفيدة و القدم الراسخ في معرفة الله عز وجل ، سيدى الشيخ محمد لغظف،
حج و هاجر و أعتكف و قام من الليل نصفه أو كله رجل من أهل الجنة على وجه الأرض لا غل و لا حقد و لا حسد و لا غيبة في الجمع و لا في البعض إذا زنته بقوله تعالي و عباد الرحمان الذين يمشون علي الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا وجدت ذالك له مقاما.

ولد العلامة محمد لغظف الحوضي لأبيه أحمد مولود ولد خي، المحظري، الجكني، ولأمه مريم بنت عبد المالك الداودي الولاتي. ولد محمد لغظف سنة 1838م بمنطقة الحوض الشرقي ،  حيث تلقي تعليمه المحظري في علوم القرآن عند أهله الوسرة، قبل أن ينتقل إلى ولاته لدراسة الفقه على خاله أحمدو ولد عبد المالك الولاتى.

تابع ولد أحمد مولود دراسته العلمية في تلك الفترة التاريخية الصعبة، متنقلا بين مدن ولاته وتيشيت وتينبكتو، ليصبح بعد ذلك من أشهر مدرسي العلوم الشرعية بمنطقة الحوض، حيث درس عليه الكثير من العلماء من أشهرهم: محمد الخضير ولد مايابي ومحمد المختار ولد إكاي وأحمد ولد محمد آب. وقد أنجب محمد لغظف الحوضي خلال مقامه بالحوض محمد الطالب اعلى ومريم والدة العلامة الوسري المشهور فضل الله. وقد عاصر خلال تلك الفترة عدة علماء من بينهم: أحد أشهر علماء المنطقة محمد الأمين ولد إبراهيم. كانت بداية تواصل ولد أهل خي الثقافي مع أعلام المشارقة أثناء رحلته إلى الحج سنة 1892م، حيث كانت له معهم عدة مساجلات علمية، كما التقى هناك بالعلامة محمد يحي الولاتي.

وبعد عودته من الحج مر ولد أحمد مولود الجكني بشمال مالي (ضواحي تينبكتو) على غرار معظم الحجاج الشناقطة آنذاك، حيث استقر به المقام هناك ردحا من الزمن عند قبيلة أولاد محم، الذين تنافسوا على إكرام وفادته إليهم لما ألفوه في شخصيته من علم وتقى وورع. في تلك الآونة كان الملك المغربي آنذاك مولاي عبد الحفيظ، جد العاهل المغربي الحالي محمد السادس .يبحث عن مفت للديار المغربية ومدرس لأبنائه، إلى أن علم بالعالم الشنقيطي محمد لغظف الحوضي عن طريق أحد مقربيه، فأرسل وفدا ملكيا إلى حيث يقيم بشمال مالي لتكليفه بالمهمة.

وكان مقام العلامة الحوضي بمراكش حوالي عشرين سنة فرصة سانحة له للالتقاء بعدة علماء هناك من بينهم تلميذه الأسبق محمد الخضير ولد مايابى، الذي شهد له بالعلم أمام حضرة العاهل مولاي عبد الحفيظ، والشيخ ماء العينين المجاهد المشهور، كما قام بتأليف عدة كتب من بينها: “السبك العجيب لمعاني حروف مغنى اللبيب” الذي نال شهرة عجيبة عند المغاربة الذين طالعوه واعتمدوه، وقد شرحه المغربي علي بن مبارك الروداني الإدريسي، في كتابه حاشية فتح الصمد على شرح الفقيه محمد لغظف ابن أحمد الولاتي الحوضي المنظومة لمولانا عبد الحفيظ بن مولانا الحسن المسماة السبك العجيب لمعاني حروف مغنى اللبيب. إضافة إلى عدة مؤلفات أخرى له في علوم القرآن وغيرها.

وقد بقي محمد لغظف الحوضي، مع الملك المغربي بمراكش إلى أن توفي هناك بداية القرن العشرين الميلادي ودفن بها، تغمده الله بفسيح جناته.

لقد كان العلامة محمد لغظف ولد خي رحمه الله سفيرا من سفراء الشناقطة، وأشهر أعلامها في المشرق الإسلامي ومغربه في فترة تاريخية هامة من تاريخنا الحديث، يستحق علينا أن نعمق البحث عن أهم آثاره العلمية ونعيطها ما تستحق من مكانة.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button