من يستلم السلطة من الجنرال محمد ولد عبد العزيز؟
أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا
ahmedharoune@gmail.com
على الرغم من مؤهلاتها الحضارية والطبيعية وحصولها منذ ثمان وأربعين سنة على كيان مستقل، مازالت موريتانيا عاجزة عن إخراج نظام وطني مستقيم وإيجاد بنية ثابتة للحكم السياسي الديمقراطي أو حتى الاستبدادي. ولولا ذلك لما وصلنا إلى ما نحن فيه من تخبط وتخلف وجهل وجوع.
المحاولات الفاشلة لبناء وإعادة بناء الدولة الحديثة، ارتبطت – إلى حد بعيد – باعتماد الغادين والآتين من حكام البلاد على عنصر سياسي واحد، ظل يهيمن على قنوات التأثير ومفاصل الإدارة، مستبعدا كل ما مِن شأنه تغيير قلب الدولة ووجهها أو إشراك المخالفين في الأسلوب والانتماء.
لذلك، شكّل دخول هذا العنصر في مواجهة مفتوحة مع الحكم العسكري الحالي، آمالا حذِرة لدى فئات من الموريتانيين تراهن على استعداد الحُكام الجدد للمجابهة وقدرتهم على تفتيت مكونات النظام القديم وفتح المجال أمام مرحلة سياسية جديدة ومنتجة.
الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي ـ أصبح في آن واحد ـ قلبا وواجهة لهذا النظام، بجناحيه العسكري والمدني، لم يترك لنفسه ونظامه أي مجال للتقاعس أو الفشل أو حتى الانسحاب، بعد أعلن تبنـّيه لقضايا اجتماعية وسياسة محددة وطويلة، وأطلق تحديا مباشرا لطائفة سياسية محنكة، قد أنضجت نفوذها باختطاف ديمقراطية 2005 وتسويقها اليوم في أعماق القوى العظمى.
فهل يحمل هذا النظام بين طياته نزعة تجديدية وخَلفية حقيقية للقطيعة مع الإرث القديم؟ أم أن قنوات الاتصال بين قادة الجيش والعنصر السياسي الملوَّث سيعاد فتحها، فتـُعقد الصفقات التواطؤية وترجع البلاد إلى أوضاعها السابقة؟
هل سيكون للثنائية الجديدة تأثير يذكر على صناعة السياسية في موريتانيا؟ وهل للنظام الجديد نفسه من حظ في البقاء وفرصة للتجديد؟
هل نحن أمام أزمة في السلطة والنـُخَب أم أزمة دولة وشعب؟
كثيرٌ مِمّن بقي مؤمنا بإمكانية عبور رياح الحداثة والتغيير أرضَ موريتانيا، يدركون جيدا أن نقطة الانطلاق في هذا المنحى لن تتجسّم إلا في أحضان سلطة مركزية وطنية، لها من القوة والهجومية ما يؤهلها لإعادة النظر في جوهر الأشياء وسلوك الدولة وأهدافها… أمّا التعويل في موريتانيا على الأحزاب السياسية والهيئات المدنية والقوى الشعبية والتقليدية لإنجاز التنمية والديمقراطية والتحديث، فذلك ضرب من ضروب التفريط والعبَث.
حظوظ البقاء وفرص التجديد:
رغمَ تزامن الحكم الجديد في موريتانيا مع أجواء ونصوص دولية معروفة بصرامتها ووقوفها ضد الانقلابات العسكرية، إلا أن من العوامل والظواهر الوطنية والدولية والطبيعية كذلك ما ساعد الحكام الجدد، إما للمجيء إلى سدة الحكم عن طريق القوة أولا، ثم الشروع في تبنّي قضايا وطنية وتمرير تجربة سياسية جديدة.
العامل الأول الذي مهّد الطريق أمام الجنرالات، يمكن تلخيصه فيما عرفته ديمقراطية 2005 ومنتجاتها من ضعف في الأداء وخلل في البنيان، حيث هشاشة الشرعية الممنوحة وعدمُ توازن المؤسسات الدستورية ووجود فراغات سياسية ضخمة… وتلك أمور حظيت منذ البداية ومازالت تحظى بسيول الكتابات والتصريحات ولا حاجة لتكرارها هنا.
انظر على سبيل المثال لكاتب هذا المقال: “المأزق الديمقراطي في موريتانيا” و “هل تتجاوز الأزمة في موريتانيا عقدة العسكر؟” على صفحة التحليلات في الجزيرة نت، و “صناعة السياسة في موريتانيا وسلطان الخرافة” على مواقع صحراء ميديا وموريتانيا اليوم والديار وبعض الصحف المحلية والعربية.
أما العامل الثاني والذي بدأ مبكرا في مساعدة الجنرال على تمرير تجربة سياسية جديدة، فقد تلخّص في التبنّي العمودي والسريع لهموم الطبقات الفقيرة والمتوسطة والشباب، كالسكن والماء والصحة والتكوين المهني وغلاء الأسعار وغيرها من الأمور الأكثر حساسية والتصاقا بكل بيت موريتاني، وأكثر جاذبية وواقعية من “هستيريا الديمقراطية” وهموم الشرعية والانفتاح السياسي وحقوق الإنسان وترقية المرأة وغيرها من المطالب المعيارية والانفعالية التي تخضع في معظمها لأولويات وسياقات أجنبية غير عملية. إن الديمقراطية الحقة هي تلك التي تدخل كل بيت، كما يقول أبراهام لينكولن.
إلا أنه من حسن حظ الحملة الاقتصادية والاجتماعية الجديدة، أنها تزامنت مع النتائج الأولى والفظيعة للأزمة الاقتصادية العالمية، حيث لم يعد بين المنظرين والفاعلين الاقتصاديين من رافض لتدخل الدولة في اقتصادياتها. بل إن تدخل الدولة الرأسمالية نفسها في أكثر المجالات الاقتصادية ليبرالية، كالقطاع المصرفي، أصبح أمرا حتميا.
فلاشك – والحال هذه – أن شعوبا جائعة ودولا فقيرة مثل موريتانيا، ستستفيد بشكل لافت من هذا التوجه العالمي الجديد، بعد أن ظلت الدول الرأسمالية والمؤسسات النقدية المانحة تملي عليها شروط استعمال القروض وتعتبر تدخلها في المجالات المتعلقة بالحياة اليومية للطبقات العريضة من مواطنيها من السبع الموبقات… لقد بدا لكثير من المفكرين والمنظرين الاقتصاديين أنْ لا رجعة في هذا التوجه الجديد. (انظر مقال جون اغراي John Gray في جريدة ذِ أوبسرفرThe Observer 10 اكتوبر 2008 تحت عنوان: A shattering moment in America’s fall from power ونشرت ترجمة له بالفرنسية على موقع mondialisation.ca).
القطيعة مع الإرث القديم:
يتجسّد العامل الثالث في التحدي المباشر للفساد وأهله والإعلان عن القطيعة مع العهد الذي كان الرجال فيه لا يمارسون السياسة ولا يتقلدون المناصب إلا من أجل الاستحواذ على الملايين والمليارات من المال العام، مدمرين بذلك اقتصاد الدولة وقيم الشعب الموريتاني ومحطمين آمال الأجيال المتعاقبة في السياسة وأهلها والدولة وفائدتها.
كل موريتاني بالغ ومؤهل ذهنيا، يعلم بالبداهة أن أكثرية مَن تحكموا في الأمر العام طيلة العقود الفائتة قد أتوا على الأخضر واليابس، حتى إن الرجل الواحد لَيملك المليارات المسروقة ومازال يسعى إلى الاستزادة منها في وقت لا يجد فيه أهله وجيرانه وثلاثة ملايين مواطن موريتاني أي حيلة للحصول على لقمة العيش وما تستلزمه الحياة العادية… وهل ذاك إلا نوع من أكل لحوم البشر؟
“إن خيرات البلد يجب أن توجه إلى ذوي الحاجة أولا وقبل كل شيء”، “لم يعد هناك مجال للتسيب والفساد اللذين ميزا ممارسات الأنظمة السابقة”. “العهد الذي يتباكى عليه هؤلاء المفسدون الذين (…) سبق لهم أن تقلدوا مناصب سامية وأخذوا من المال العام ما أخذوا، قد ولى إلى غير رجعة”… إلى غيرها من التصريحات المتكررة، التي يطلقها الجنرال ولد عبد العزيز نفسه، وغالبا ما تكون أمام تلك الأحياء البائسة والمملوءة بأنواع وفئات من البشر الذين ظلوا يسكنون الأكواخ منذ عقود ويشترون الماء الملوث بأضعاف ثمنه في الأحياء الأخرى.
أما النزعة التجديدية على مستوى المصادر البشرية، فيمكن التفاؤل بها انطلاقا من ظاهرتين:
تتعلق الأولى، بطبيعة وتكوين جبهة الدفاع عن الديمقراطية، (الخصوم الرئيسيين للحكم الجديد) حيث تبيّن أن في التجربة الجديدة ما يتنافى مع مصالح وأساليب الحرس القديم، بعد طغى على هذا الاتجاه – وبشكل لافت – سدنة نظام الرئيس الأسبق السيد/ معاوية ولد الطايع وصُناع الحركات والأحزاب السياسية المراوغة وممثلو الشبكات القبلية المتنفذة في السياسة والإدارة واللوبيات المالية المستفيدة من مئات المليارات من أموال الدولة… وهي طبقة تحوي عناصر محنكة ظلوا يهيمنون على العملية السياسية في موريتانيا منذ الاستقلال إلى هذا العهد، وقد تجلى ذلك في سيطرتهم الكاملة على الإعلام.
فلماذا لم يتفوه هؤلاء ببنت شفة عندما أُسقط الرئيس الأسبق السيد/ معاوية ولد الطايع، ليقفوا اليوم صفا واحدا باذلين كل جهودهم وأموالهم في سبيل إعادة السيد/ سيدي محمد ولد الشيخ عيد الله؟ علما أن معاوية هو مَن صنع هؤلاء بيده وأطلقهم في جوف الدولة وعلى رقاب الناس.
لماذا تتوالى الانقلابات العسكرية عبر تاريخ موريتانيا السياسي ولم يتوجه شخص واحد إلى المحافل الدولية ويطالب بفرض حصار على الشعب الموريتاني؟ ولماذا يطالب هؤلاء بفرض حصار على الشعب الموريتاني بعد أن دأبوا في عدة مناسبات على المطالبة برفع الحصار عن الإخوة الفلسطينيين والعراقيين؟
لا شك أن لهذه الأسئلة قـَرابة فنية واضحة مع طروحات وتصريحات سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة وحكومته، إلا أنها مازالت ترِد على ألسن البسطاء والعامّة وغيرهم من أغلبية الشعب الموريتاني الساحقة التي تؤيد التغيير الأخير، لذلك ارتأى هذا المقال أن يصوغ للقارئين الكرام بعضها لما تحمله من شك مريب.
أما الظاهرة الثانية، الدالة على النزعة التجديدية المأمولة، فيمكن استشفافها من خلال فتح بعض القنوات والمجالات الحيوية في السياسة والإدارة أمام أفراد من الجيلين الثاني والثالث، ثم ظاهرة استدعاء واسترجاع النظام الجديد لنخبة من ساسة ومنظري الجيل الأول، ظلت تقاطع العمل السياسي الوطني لِما رأت فيه من سطو وسيطرة الطبقة المذكورة أعلاه.
مما يسهّل عملية القطيعة مع الإرث القديم ويجعلها في محلها الزمني والوظيفي إلى حد كبير، ما بات يُرى بالعين المجرّدة من إعادة تشكّل البنيان السياسي في موريتانيا وما يعرفه هذا الحقل من “انتقال جيلي” (إذا جاز التعبير)، لم يبدُ للعيان إلا مع الأزمة السياسية التي رافقت تعيين حكومة السيد/ يحيى ولد أحمد الواقف الأولى وما صاحب ذلك من محاولة الحرس القديم تجاوز الجيلين الثاني والثالث أثناء المراوغة الكبرى التي بدؤوها بإعادة بناء الأغلبية الرئاسية واختطاف الرئيس السابق من يدها، ثم محاولة تصفية القادة العسكريين الذين شكلوا عقبة أخيرة أمام ما بات يعرف في الأدبيات السياسية المعاصرة بالاستبداد الديمقراطي (مع كثير من التجوّز).
أما العامل الرابع فيتعلق بتجاوز الأغلبية الساحقة من الموريتانيين لــ “عُقدة العسكر والسياسة”! تلك العقدة التي طالما شلت العمل الوطني وحالت بين دخول الساسة المدنيين والعسكريين في مسيرة مشتركة أكثر تكاملا وواقعية وتوظيفا للقوى الوطنية القليلة في البلد.
وأخيرا، يضاف إلى هذا كله نزولُ المطر بكميات مهمة على عموم الأرض الموريتانية، مما ساعد الحكام الجدد على وضع قدَمهم، وأعطي نفـَسا مُهما لفئات عريضة من الموريتانيين جعلهم قادرين على انتظار النتائج الأولى لمتغيرات الدولة. وتلك نعمة طبيعية لا يمُنّها إلا الله، لكن لولاها لاستعصى على أي نظام سياسي جديد أن يمرر تجربته في ذلك الصيف المرعب المتزامن مع احتقان سياسي وأزمة غذائية عالمية.
هاجس الحصار:
أما ما يحكى عن احتمال فرض حصار وعقوبات على الشعب الموريتاني، فإن في ذلك نسبة كبيرة من سطو الجهة الرافضة وسيطرتها على الإعلام العصري والشعبي.
فعمليا، تحدّ موريتانيا من الجنوب جمهورية السنغال التي تتفق معارضتها وموالاتها على تأييد النظام الجديد، ثم إن لهذا البلد من المصالح المتنوعة ما يتجاوز مئات الآلاف من السنغاليين العاملين في موريتانيا. أما الحدود الشمالية فهناك المملكة المغربية التي أيدت النظام الجديد قبل غيرها وبشكل أعمق، وهناك طريق معبّد طويل يربط الدولتين ويجمع العالم من ستوكهولم إلى جوهانسبورغ، وأي إغلاق لمَمَرّ من هذا النوع في العصر الحالي سيكون تأثيره على العالم كتأثير إغلاق مضيق البوسفور أو قناة السويس في بداية القرن الماضي. أما جمهورية مالي التي تحدنا من الشرق، فلا منفذ لها على البحر إلا موريتانيا التي لا يُتصور أن تمرّر لها أقواتها من طريق يزيد طوله على ألف كلم ويسكنه شعب في حالة حصار. هذا بالإضافة إلى طول مياه المحيط الأطلسي ورحابة الصحراء الكبرى وانتشار أنماط التهريب عبرها.
أما من الناحية الاقتصادية، فمعلوم أن المساعدات التي تهدد بعض القوى الأجنبية بقطعها، إن جمعت على حقيقتها، لن تبلغ مِعشار ما يقع سنويا في أيدي أشرار اللصوص الموريتانيين والأجانب من خيرات هذا البلد الغني بالمعادن والطاقة والثروتين الحيوانية والسمكية… هذا إذا استبعدنا لجوء الموريتانيين – إن وقعوا تحت حصار – إلى الاستفادة من موقعهم الاستراتيجي ليحصّلوا المال بطرق ملتوية ومن جهات محظورة، كعصابات تهريب المهاجرين وتهريب السلاح التي تدفع أضعاف ما تدفع أوربا وأمريكا…
المانع السياسي الذي يضاف إلى هذا كله، هو أن الدول الكبرى لا ترتجل سياساتها ولا يُتصور أن تعادي أو تحارب – بصورة حقيقية – نظاما سياسيا مستقرا يتفق معها في كثير من هموم الإرهاب والهجرة والتهريب ويسيطر على بلد واسع واستراتيجي ويتمتع بمساندة وتعاطف الأغلبية الساحقة من المواطنين… إلا إذا كانت تلك القوى قد حضّرت لهذا النظام بديلا سياسيا واضحا. وقد تبين من تصريحاتهم أن رجوع الرئيس السابق، السيد/ سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لم يعد واقعيا ولا مطروحا، أما بقية القادة السياسيين العاملين في موريتانيا والطامحين لرئاسة الدولة، فقد سبق أن ترشحوا عدة مرات لقيادة البلد ولم يظهر يوما أن من بينهم بديلا مقبولا لدى هذه القوى الدولية، بل توالت المؤشرات الدالة على العكس… فعلى الموريتانيين أن يركزوا دون تشويش كبير على المشروع الداخلي، مدركين أن المعيقات الداخلية أكبر وأن احتمالات الفشل في تجاوزها واردة دائما.
المشاورات القادمة:
لقد ظن الظانّ أن موريتانيا قد وقفت سنة 2005 على حجر صلب وديمقراطية محكمة بعد أن أجمعت أمرها وشركاءها ورتبت مستقبلها السياسي وحصّلت ما سمي آنذاك بالإجماع الوطني الذي لم يتجاوز في حقيقته ورقات مستعجلة ومحررة بشكل رديء… أما الحضور والتمثيل في تلك المشاورات، فقد اقتصرا على رئاسة المجلس العسكري والشركاء الدوليين وأحزاب سياسية عاجزة حتى عن تدبير أمورها الداخلية البسيطة، ليُقصَى جهاز الدولة والمؤسسات الموريتانية العميقة إقصاء.
فهل ستعتمد المشاورات المقبلة رأي الأكثرية، أم سنجهّز إجماعا وطنيا خرافيا آخر؟
هل ستنجح المنتديات العامة للديمقراطية في طرح الأسئلة الكبرى والتحديات الإستراتيجية لهذا الشعب وكيانه الذي بدأ الكثير يشكك في قدرته على البقاء؟
أعجبتني تسمية الأيام التشاورية المقبلة بالمنتديات العامة للديمقراطية، وما يمنحه ذلك من إنشاء عدة منتديات للتشاور في آن واحدة، متوازية ومتعددة الاختصاصات:
ـ منتدى خاص بالفكر وأهله، خصوصا أهل الرؤى المستقبلية والنظرة الإستراتيجية التي تتجاوز ما وراء حيطان قصر المؤتمرات… ولكَم استخف الساسة الموريتانيون بأهل الفكر والأكادميين والمثقفين وكل شيء مكتوب. إذ لا وجود اليوم في موريتانيا لدراسات أكاديمية ولا تقارير إستراتيجية حول المراحل التي تمر بها السياسة والإدارة والاقتصاد.
ـ منتدى خاص بالشأن الدستوري والجانب الفني والهندسي للحكم.
ـ منتدى خاص بالاقتصاد والإدارة. إلخ.
يضم كل من هذه المنتديات أفراد مرجعية قادرة على تدارس الموضوع بشفافية وجدية. وحبذا لو جمعت تلك الخلايا بعد ذلك ـ إن أراد ذووها ـ في إطار موحّد، كحزب سياسي كبير مسؤول ووطني… وذلك للإشراف على تنفيذ المخططات وتحمل مسؤولياتها. علما أن المصادر البشرية مازالت جدّ محدودة في موريتانيا.
فهل ستتوَّج الفترة الحالية بما تُوِّجَت به الفترة الانتقالية الماضية من استخلاف ضعيف وحكم عاجز عن التحرك وخال من أي برنامج سياسي أو مشروع دولة؟
هل سنفوّت فرصة وجودية أخرى للاتفاق على مشاريع دولة كبرى (إدارية واقتصادية واجتماعية وثقافية) ذات مدى بعيد ومتوسط ، تكون محل إجماع وطني مقدس ومنفصل عن التطورات الانتخابية والتجاذبات السياسية الماضية والمستقبلية؟
بعد الإجابة على هذه الإشكاليات، سيمكننا العبور نحو نقطة الاستخلاف واستلام السلطة من الجنرال محمد ولد عبد العزيز.
يتواصل.