اتفاقيات جديدة بين موريتانيا و الجزائر ..شراكة استراتيجية أم تكتيك تنافسي ؟

أنباء انفو- اختتم المنتدى الاقتصادي الموريتاني – الجزائري، أشغاله فى العاصمة انواكشوط ، بالتوقيع على اتفاقيتين للتفاهم بين وزيرة التجارة والسياحة الموريتانية، السيدة زينب بنت أحمدناه، ونظيرها الجزائري، السيد الطيب زيتوني. اتفاقيتان-حسب وكالة الأنباء الموريتانية (رسمية) – تركزان على حماية المستهلك، مكافحة الغش، ومراقبة جودة المنتجات، إضافة إلى تحديث السجل التجاري.
وإذاكانت الإتفاقيتان تمثلان- كما غيرهما من اتفاقيات عديدة سابقة – خطوة في مسار دعم التعاون الثنائي بين نواكشوط والجزائر، إلا أن بعض المتابعين بالتحليل لسير وتطورات العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا يمكنه إغفال حقيقة أن معظم برامج التعاون الجزائري مع موريتانيا، وإن حملت طابعاً رسمياً متقدماً، تفتقر في الغالب إلى بعد استراتيجي عميق ، إذ هي غالبا، مشاريع أقرب إلى المبادرات الظرفية أو الأدوات التكتيكية، منها إلى الرؤى بعيدة المدى التي تقتضيها شراكة مستدامة بين بلدين يتقاسمان الجوار والتحديات.
ذلك أنه ومنذ مطلع الألفية الثالثة، أطلقت الجزائر عدة مبادرات اقتصادية تجاه جارتها الشقيقة موريتانيا، من أبرزها مشروع الطريق الرابط بين تيندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية، الذي ظل لسنوات طويلة حبيس الوعود دون تنفيذ فعلي على الأرض، إلى أن بدأت فيه خطوات متسارعة في السنوات الأخيرة، مدفوعة برغبة جزائرية في خلق بديل تجاري عن الطرق الرابطة بين موريتانيا وجارتها الشقيقة الأخرى المملكة المغربية.
كما أن فتح المعبر الحدودي البري بين البلدين عام 2018، والذي اعتُبر لحظة رمزية في تاريخ العلاقات الثنائية، لم يتبعه نشاط اقتصادي كبير يُذكر، إذ بقي المعبر محدود الفعالية بسبب غياب منظومة لوجستية داعمة، وعدم وجود مشاريع مشتركة في المناطق الحدودية.
وفي المقابل، لم تُترجم معظم الاتفاقيات التجارية التي وُقّعت في السنوات الماضية إلى استثمارات ملموسة، إذ لم تدخل الشركات الجزائرية السوق الموريتانية بقوة، ولم تُنشأ مناطق حرة أو مراكز لوجستية حقيقية تعزز التبادل، رغم التوقيع على اتفاقيات عديدة من هذا القبيل!.
وحسب رأي بعض المتابعين ، تخوض الجزائر، منذ عقود صراع نفوذ صامت مع المغرب في منطقة الساحل والصحراء، و تنظر إلى موريتانيا باعتبارها ساحة استراتيجية لإعادة رسم التوازنات ..لا أكثر ولا أقل .!.
منذ العملية العسكرية المغربية فى معبر الكركرات شهر نفمبر 2020، كثّفت الجزائر تحركاتها نحو موريتانيا، معلنة عن تسريع تنفيذ الطريق نحو الزويرات، وزيادة التبادلات التجارية، إلا أن هذه الخطوات جاءت كرد فعل، لا كجزء من رؤية متكاملة.
وبعد تطور العلاقات الموريتانية المغربية والذى بلغ أوجه خلال السنوات الأخيرة سواء عبر الزيارات رفيعة المستوى أو المشاريع المشتركة في مجالات التعليم والبنية التحتية – تحركت الجزائر لتقديم عروض تعاون جديدة وتحدثت عن “شراكة شاملة”.
وإلى اليوم يمكن القول إن الجزائر بعيدة نسبيا عن القطاعات الحيوية في موريتانيا، مثل قطاع الطاقة، المعادن، الاتصالات، والتعليم العالي، التي تشكل العمود الفقري لأي تعاون استراتيجي. كما أن غياب مراكز أبحاث مشتركة أو تعاون جامعي واضح يعكس محدودية البعد الثقافي والمعرفي في هذه العلاقة.



