مرشح موريتانيا إلى رئاسة البنك الإفريقي للتنمة ..فرص الفوز وتحديات السياسة والتحالفات

أنباء انفو- يومان فقط وتنتهي ولاية النيجيري أكينوومي أديسينا ، على رأس البنك الأفريقي للتنمية.
يوم الخميس 29 مايو 2025 تكون أنظار العواصم الإفريقية والعالمية متجهة إلى العاصمة العاجية أبيدجان، حيث سيجتمع أعضاء البنك فى ذلك اليوم لانتخاب رئيس جديد لأقوى مؤسسة مالية تنموية في القارة حيث يبرز اسم الوزير الموريتاني السابق سيدي ولد التاه كأحد المرشحين الخمسة الطامحين إلى خلافة أديسينا في مرحلة دقيقة من تاريخ المؤسسة.
البنك الأفريقي للتنمية: لحظة مفصلية
تأسس البنك الأفريقي للتنمية عام 1964 بهدف تمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا، وقد تطور على مدى العقود ليصبح أحد أبرز أدوات التمويل متعددة الأطراف في العالم النامي. ومع ازدياد التحديات التنموية والمناخية، وانسحاب بعض الشركاء الغربيين — وأبرزهم الولايات المتحدة — من بعض التزاماتهم، تدخل المؤسسة مرحلة مفصلية تتطلب قيادة ذات رؤية، وقدرة على التفاوض، وفهم عميق لخصوصيات القارة.
من هو سيدي ولد التاه؟
ينتمي سيدي ولد التاه إلى النخبة التكنوقراطية في موريتانيا. شغل عدة مناصب بارزة منها وزير الاقتصاد والتنمية، ثم المدير العام لإدارة الاقتصاد في الاتحاد الأفريقي. عرف عنه الكفاءة في الملفات الاقتصادية، والقدرة على بناء توافقات، إضافة إلى علاقات وثيقة بعدد من العواصم الإفريقية والجهات المانحة.
ترشيح موريتانيا له يعكس طموح البلاد للعب دور أكبر على الساحة القارية، ويعزز من موقعها كجسر بين المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء. كما أن ترشيحه قد يلقى دعماً ضمن مجموعة دول الساحل والصحراء التي تتشارك تحديات التنمية والأمن.
فرص سيدي ولد التاه: نقاط القوة
1. الخبرة التقنية والإقليمية: خبرته في الاتحاد الإفريقي تمنحه معرفة دقيقة بالبنى المؤسسية الإفريقية وبآليات صنع القرار فيها.
2. التوازن الجيوسياسي: موريتانيا تتمتع بموقع محايد نسبياً في التوازنات القارية، ما قد يجعل مرشحها مقبولاً من كتل متنافسة.
3. رغبة في التغيير: بعد عهدتين لرئيس من نيجيريا، قد تميل بعض الدول إلى مرشح من منطقة مختلفة لضمان التناوب.
التحديات: حسابات السياسة والتحالفات
ورغم مؤهلاته، يواجه ولد التاه تحديات معقدة، أبرزها:
1. ثقل الدول الكبرى: نيجيريا، جنوب إفريقيا، مصر، والمغرب لها مصالح استراتيجية في البنك، وقد تدفع باتجاه مرشحين يحظون بدعمها السياسي والمالي.
2. التصويت المرتبط بالحصص: التصويت لا يتم فقط على أساس الدول، بل حسب الحصص المالية، ما يمنح الدول الغربية مثل فرنسا وكندا تأثيراً لا يُستهان به.
3. غياب الكتلة الصلبة الداعمة: موريتانيا، بحكم وزنها الاقتصادي المحدود، تحتاج إلى تحالفات ذكية لتأمين الأصوات اللازمة.
مستقبل البنك: بين الاستقلال والتحديات التمويلية
في ظل انسحاب تدريجي لبعض الشركاء الغربيين، يبرز تحدٍ جوهري أمام الرئيس المقبل: كيف يحافظ البنك على استقلاليته المالية والاستراتيجية دون أن يفقد ثقة المانحين؟ ومن سيقود البنك نحو مزيد من التمويل المبتكر، والشراكات جنوب-جنوب، والمرونة في مواجهة التغيرات المناخية والأمنية؟
السؤال الكبير هل تحظى موريتانيا بلحظتها القارية؟
لاشك أن ترشح سيدي ولد التاه لرئاسة البنك الأفريقي للتنمية يحمل رمزية تتجاوز موريتانيا؛ فهو يمثل اختباراً لقدرة الدول الصغيرة نسبياً على اقتناص أدوار قيادية في مؤسسات دولية. وبين الكفاءة الشخصية والمعادلات الجيوسياسية، تبقى الأيام القادمة حاسمة لتحديد إن كان ولد التاه سيصنع مفاجأة أم أن المعركة ستُحسم لصالح مرشح أكثر ثقلاً في ميزان التحالفات التقليدية..



