دمشق تغلق مكتب “البوليساريو” : تحول دبلوماسي يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات مع المغرب

أنباء انفو- بحضور رسمي لممثلين عن المملكة المغربية أعلنت الحكومة الجديدة فى سوريا إغلاق المقرات التي كان يشغلها انفصاليو جبهة “البوليساريو” فى دمشق.
خطوة دبلوماسية لافتة تحمل أبعادًا سياسية وإستراتيجية متعددة، وإن بدت إدارية في ظاهرها، إلاأنها تعكس تحوّلاً عميقًا في الموقف السوري وتفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين الرباط ودمشق.
جاء هذا التطور في سياق زيارة قامت بها البعثة التقنية المغربية إلى سورية، للتحضير لإعادة فتح السفارة المغربية في دمشق، وهو القرار الذي اتخذته المملكة المغربية في سياق دينامية دبلوماسية جديدة يقودها الملك محمد السادس، هدفها توسيع نطاق الحضور المغربي في المنطقة وتعزيز الروابط مع الدول العربية التي عرفت علاقاتها بالرباط فترات من الفتور أو الانقطاع.
الرمزية السياسية لهذه الخطوة تتجلى في توقيتها وسياقها: ففي ظل تزايد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، اختارت دمشق أن تعيد تموقعها بشأن قضية الصحراء ، التي تعتبرها الرباط قضية وجود وسيادة. وتأكيد السلطات السورية على احترامها للوحدة الترابية للمغرب ورفضها لأي دعم لكيانات انفصالية، هو موقف غير مسبوق يعكس تحولا في أولويات السياسة الخارجية السورية، بما يتجاوز المجاملة الدبلوماسية إلى الموقف المبدئي الواضح.
يمكن قراءة هذه الخطوة أيضًا ضمن توجه سوري جديد نحو إعادة ترميم العلاقات مع عدد من الدول العربية، بعد سنوات من العزلة السياسية والدبلوماسية التي عرفتها البلاد منذ اندلاع الأزمة السورية. ويبدو أن المغرب، بسياسة متزنة وبراغماتية، وجد اللحظة المناسبة للعودة إلى دمشق من باب السيادة والاحترام المتبادل.
إغلاق مكتب “البوليساريو” في دمشق يحمل كذلك رسالة موجهة إلى أطراف إقليمية ودولية كانت توظف الورقة الانفصالية في حسابات سياسية ضيقة. كما أن هذا التطور يعزز موقع المغرب في معركته الدبلوماسية من أجل تثبيت شرعيته على أقاليمه الجنوبية، ويضعف في الوقت ذاته هامش المناورة لدى الجبهة الانفصالية في المحافل الدولية.
في المحصلة، فإن القرار السوري بإغلاق مكتب “البوليساريو” في دمشق ليس مجرد إجراء إداري، بل هو تتويج لمسار تفاهمات سياسية تمت خلف الكواليس، ومؤشر على عودة الحرارة إلى علاقات عربية ـ عربية باتت في أمسّ الحاجة إلى الواقعية والتعاون لمواجهة التحديات المشتركة، وفي مقدمتها قضايا السيادة والوحدة الوطنية.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستكون دمشق أول الغيث في سلسلة تحولات إقليمية جديدة اتجاه قضية الصحراء ؟ وهل نشهد قريبًا إعادة تموضع أخرى لدول كانت إلى وقت قريب تحتفظ بمواقف رمادية أو داعمة للجبهة الانفصالية؟.
الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة، لكن المؤكد أن المغرب، بدبلوماسيته الهادئة، يواصل تسجيل النقاط في معركة الشرعية الدولية.


