مقالات

نحن أخشن حالا من الدول المجاورة! / إسلم ولد غالي

دأبَ أحدُ الأنظمة الفائتة، كلما واجه انتقادا على صعيد التغطية الصحية أو التعليم أو البنية التحتية، أن يطلق حنجرته بعبارة ليست فقط مبتذلة، و إنما أيضا موغلة في مجافاة الحقيقة، ألا وهي: “نحن أحسن حالا من الدول المجاورة”! و المفارقة أنك تجد الكثير من الموريتانيين ينظرون بِعَين الرضى

إلى واقعهم البائس على جميع الأصعدة، في حين يلقون نظرة شزراء خاطفة – لعلّها بعين السخط – إلى البلدان المجاورة، و ينظون حالهم أحسن من أحوال تلك البلدان. و الحق يقال إن تلك الدول قطعت أشواطا لا يستهان بها، رغم شح الموارد و كثرة السكان.
و إذا سلمنا جدلا أنه من الحَيف مقارنتـنا بالمغرب أو الجزائر، مع أن مواردنا كثيرة و عدد سكاننا قليل، فإن مقارنتنا بالسنغال تبدو واردة جدا. فهي بلد فقير جدا بموارده، و تعداد سكانه حوالي 15 مليون نسمة، و بالتالي فقد يبدو حتى من عدم الإنصاف للسنغال مقارنتها ببلادنا، لكن دعونا نقارن على أي حال:
– في مجال التعليم قد لا نحتاج أن نزيد على حقيقة أن مئات – إن لم نقل آلاف – الطلبة الموريتانيين يضطرون لمتابعة دراستهم في بلاد (الترينغا)، و أنه في نفس اليوم الذي دخل فيه رئيسنا مدرسة مهترئة في الداخل، كان نظيره السنغالي يدشن أكبر جامعة في إفريقيا في مدينة كولخ!
– في مجال الصحة لن نزيدكم على حقيقة أن مئات المرضى الموريتانيين يتعالجون في السنغال و يحظون بِــتَـرَفِ وجود أدوية غير مزورة، و السنغالي تتاح له فرصة إجراء الفحوصات الأولية في الصيدليات مقابل مبلغ 500 فرنك فقط (حوالي 300 أوقية)
– في مجال البنية التحتية، فإننا نُـزْرِي بقدر السنغال إذا قلنا إن بنيتها التحتية أحسن منا بكثير! فالبلد عنده طرق سريعة و أنفاق و جسور، و لا حظ لنا في أي من ذلك.
– في مجال الإستقرار السياسي فإن السنغال لم يحكم أبدا من طرف العسكر و لا شهد انقلابا، على عكس بلاد السيبة.
– في مجال الإنسجام المجتمعي و الوحدة الوطنية فإن السنغال بلد متصالح مع ذاته رغم وجود أعراق عدة و حتى أقليات دينية، أما نحن فإن بلادنا حُبلى بدعوات فئوية من متعصبين من كل الفئات، و تجد لها للأسف آذانا صاغية من شعب يطحنه الجهل و الأمية.
و المضحك المبكي أن البعض منا يدفن رأسه في التراب، عندما يُبرر ما وصلت إليه السنغال بفعل المستعمر، و الواقع أن البناء مستمر في البلد، و من زاره قبل خمس سنوات فقد لا يتعرف عليه عندما يزوره الآن.
إن هدف خطط التنمية لدينا يجب أن يكون “الوصول إلى ما وصلت إليه السنغال خلال خمس\عشر… سنوات” بدل هدف آخر يمشي مكبا على وجهه.
و ما لم نعترف بتخلفنا فلن نتقدم، و أول سطر في مصارحتنا مع أنفسنا يجب أن يكون بإضافة أربع نطاق إلى العبارة السالفة الذكر، لتصير: “نحن أخـــشــــن حالا من الدول المجاورة”!

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button