مقالات

– هل أنا ساذجة ؟ (خاطرة)

بقلم : سارة بنت إبراهيم

هل أنا ساذجة وغبية؟ تنطلي عليّّ الحيلة ، واصدق كل ما يقوله من يجلس على سدة الحكم؟

لم أكن أصدق إنني كذلك، مثل معظم شعبنا المسكين الذي يُخدع دوما، و كلما جلس احدهم على كرسي الرئاسة وطبّلت له وسائل الاعلام الرسمية ، صفق له الشعب المغلوب وبارك له، بل وعشقه فعلا ونظر إليه كالفارس المنقذ؟
هل أنا –للأسف الشديد- مثلي مثل شخص لم يتحصل على الشهادات الجامعية المرموقة ولم يجب أنحاء العالم طيلة 30 سنة؟
هل أنا فعلا –في أعماقي الغائرة- مجرد إنسانة بسيطة مغلوبة على أمرها تصدق كل من يعدها بتحسين أحوال أسرتها، ويعطيها الأحلام البراقة بتخفيف الغلاء والتوزيع العادل لثروات الوطن الكامنة؟

ليتني لم أكن هكذا !!
ليتني كنت مثل المعارضين الحقيقيين من أصحاب المبادئ الراسخة، أو على الأقل مثل معارضي الفنادق الفاخرة في أوربا ، أو الكادحين التقليديين: أعارض لمجرد المعارضة دوما وأبدا….

كيف أتحول بهذه البساطة من معارضة للرئيس السابق ولد الشيخ عبد الله، وعدم التصويت له في الانتخابات الماضية، إلى مؤيدة له متمنية له الاستقرار والفاعلية إبان رئاسته القصيرة؟

ثم أتحول –بكل بساطة وخلال شهرين فقط لا غير- من غاضبة شديدة على الانقلابيين وعلى من والاهم من زعمائنا الوطنيين ……
إلى متمنية ألا يقع الحصار الدولي وأن ينتصر الانقلابيين على معارضيهم ، من اجل استقرار البلاد والمضي في محاولات الإصلاح، على الأقل؟ من اجل المواطن المسكين والوطن المستلب؟

لقد عدت للوطن قبل عام، بعد غيبة طويلة في الخارج،حين لاحت بوادر الأسس الديمقراطية ، متمنية أن يكون الحلم حقيقيا وأن تأتي “الديمقراطية” لبلادي بايجابياتها تاركة عنا سلبياتها التي لا تناسب بلدا مثل موريتانيا بتركيبته الطبقية والقبلية المتشعبة المتداخلة!!

لكن ماذا نفعل إذا كانت العهود الديمقراطية مكسبا ما زلنا لا نستحقه ، وكانت تتصف عندنا –على غير العهد بها في سائر أنحاء العالم- بالفوضوية والاتكالية وانتشار النهب والفساد واستيقاظ البؤر الإرهابية؟؟

ماذا نفعل إذا كان القدر لم يكتب لنا –بعد- هذا النصر المعنوي الفاخر ، ونحن البلد الصغير الفقير، على غيرنا من الدول العربية والإفريقية؟

ماذا نفعل إذا كانت طريقة الإصلاح الوحيدة المتوفرة لنا ،كلما تأزمت الأمور، تتمثّل في أسوأ الطرق وأكثرها عبثية ودموية في العالم المعاصر؟

نعم! فقد كنت فوجئت بعد الفرح والتفاؤل بالديمقراطية –التي لا تتجاوز نسبة نجاحها الحقيقية وخلوها من المال السياسي الفاسد 70 في المائة- وانتخاب الرئيس سيدي والاستقرار النسبي للبلاد،
بهذا الانقلاب المفاجئ الشديد الوطأة……
ولكنيّ سرعان أيضا ما انطلت عليّ الحيلة –التقليدية المتكررة- للانقلابيين: استغلال عامل التوقيت ووسائل الاعلام الرسمية، والبدء في كسب قلوب الشعب بالإصلاحات الجذرية التي طال انتظارها، وزيارة الأحياء المغبونة والتعيينات المختلفة وو…….

ثم انشغالهم بمحاربة اخطر ما يمكن أن يحدث للشعب الفقير المسكين :حصار اقتصادي جديد لشعب حاصرته شتى أنواع المكائد من فقر وجهل ومرض وفساد إداري ومالي وماكينة إرهابية كامنة وخطيرة؟
ثم وعودهم المتكررة بإعادة الديمقراطية الحلم….

نعم …أعلنها بالفم المليان : إنني أصبحت أدعم الجنرال محمد ولد عبد العزيز وادعوه للبقاء فوق كرسي الحكم كما يشاء!!!
بدون أن تعتقدوا إنني أسعى لمنصب أو مغرم ، فلم أعلن اسمي ولم أوضح مكمني …

ولا أعرف السبب! عدا ماسبق، هل هي شخصية الجنرال ولد عبد العزيز الغير كاريزمية لكن العفوية ، الغير فصيحة لكن الصريحة ، الغير وسيمة لكن “الرجل بكماله لا بجماله” !!

نعم أدعمه وأدعوه للاستمرار في المحاولات الجادة للإصلاح ، مهما كان القصد منها سواء سياسي أودعائي للانتخابات الرئاسية، أو صوري وشكلي لإسكات الخصوم المحليين والدوليين….

ثمّ أليس من المفترض أن يكون هذا هو الهدف الأسمى لجميع الوطنيين الأحرار ممن صكّوا أذاننا بالدعوات الكلامية الصاخبة ؟
أليس هذا -أو بعضه على الأقل – ما كنا ننتظره من جميع رؤسائنا السابقين؟

ومع كل ذلك فقد بقيت أتساءل عن سرّ هذا التحول المفاجئ في موقفي من الانقلاب –الذي لم أتمناه على الإطلاق-
هل هو بسبب السذاجة والبساطة ؟ هل هو الجهل والتقليدية؟ هل هو الغباء واللافطنة؟
أم هو سير طبيعي مفهوم للأمور في مثل هذه الأحوال؟؟

لا أدري !!!
أجيبوني….أرجوكم …..

بقلم: سارة العائدة للوطن.
foulana@maktoob.com

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button