مقالات

عن البشير وحاكم شنقيط ومرسى عطاالله/ عمرو عبدالحميدamroabdelhamid@hotmail.com

لست وحدى من يجد راحة البال أحياناً فى مشاهدة الأفلام القديمة .. أقلب بين القنوات حتى أعثر على فيلم لإسماعيل ياسين أو لعبد الفتاح القصرى أو لنجيب الريحانى .. أحفظ سيناريوهات تلك الأفلام، ومع ذلك لا أفوت أى فرصة لمشاهدتها من جديد! .. فى الأيام القليلة الماضية، أجبرنا على متابعة ثلاثة أفلام ملونة، أولها سودانى وثانيها موريتانى وثالثها مصرى! أما الفيلم السودانى فقد بدأت أحداثه قبل سنوات قليلة، عندما توالت الاتهامات على حكومة الرئيس عمر البشير بارتكاب جرائم تطهير عرقى فى دارفور، ووصل الأمر أخيراً إلى صدور مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية باعتقال البشير ..

وما بين توجيه الاتهامات وصدور المذكرة غابت عن الخرطوم استراتيجية إدارة الأزمة، لتحل محلها صور منفعلة، وردود أفعال لا تختلف كثيراً عن تلك التى صدرت عن النظام العراقى السابق إبان أزمته مع الغرب وأمريكا!.. يردد الغلابة فى الخرطوم كما ردد إخوانهم فى بغداد!.. كلما وقع زعيم فى مأزق يتذكر الله وملائكته وكتبه ورسله، كطالب الثانوية العامة قبل أسبوع من الامتحان!.. بين مشاهد البشير لا تجد فرقاً بين ما تشاهده اليوم فى السودان، وبين ما شاهدته فى العراق قبل ستة أعوام، تضيع عدالة قضايانا.

تتحول عن الفيلم السودانى ليستقبلك فيلم موريتانى، شد إليه الأنظار قبل بضعة أشهر، حين انقلب جنرالات البلاد على رئيسها المنتخب ديمقراطيا .. حاول هؤلاء تقديم فروض الطاعة ليرضى عنهم الغرب والولايات المتحدة، لكنهم فشلوا .. وفى عز الفشل تذكروا أن هناك سفارة فى العمارة !.. انتهزوا فرصة العدوان الإسرائيلى على غزة، وقاموا بتجميد العلاقات الدبلوماسية التى تجمع إسرائيل مع بلاد شنقيط ( الاسم القديم لموريتانيا ) ! .. ولما فشلت هذه الخطوة فى تليين قلوب ساكنى قصر الإليزيه والبيت الأبيض، قام الحاكم العسكرى الموريتانى بطرد الدبلوماسيين الإسرائيليين من بلاده!.. بالطبع ليس لدى الجنرال من يسأله: هل كنت ستقدم على ذلك لو اعترفت بك أوروبا وأمريكا؟! ..

أما الفيلم المصرى فقد بدأ العمل فيه يوم الأحد الماضى داخل مؤسسة الأهرام .. لذا كان من الطبيعى أن يلعب دور البطولة بلا منازع مرسى عطاالله رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير الأهرام المسائى (هكذا يصر على تقديم نفسه)!..لن أخوض فى القضية المثارة بين عطاالله والصحفيين المعارضين لإدارته، لكنى سأشير إلى مشهدين سجلتهما بالصوت والصورة: المشهد الأول ذكرنى بما يجرى أحيانا فى انتخابات الجمعيات التعاونية، عندما يحشد مرشح أنصاره بطريقة (بلدى) لبث الرعب فى صدور منافسيه!.. الأمر نفسه شهدته الأهرام!..

وصل عطاالله إلى المؤسسة، وخرج من سيارته كزعيم يلوح لرعيته، وسط هتافات تبرهن قوتها على جودة الأكل الذى تناوله أصحابها، أكثر من البرهنة على ولائهم للزعيم!.. لحظتها تساءلت فى نفسى: هل تحولت أهرام العقاد ومحفوظ وهيكل والشرقاوى وإدريس وسلامة أحمد سلامة وعظماء آخرين إلى جمعية تعاونية؟! تساءلت وياليتنى ما فعلت! إذ خيل لى أن يقظة رجال أمن عطاالله مكنتهم فى تلك اللحظة من اكتشاف ما يدور بذهنى، فكان المشهد الثانى!..

فوجئت بثلاثة منهم غلاظ شداد يلقون بى وبزملائى من قناة ( بى بى سى ) العربية وقناة ( الحياة ) خارج المؤسسة، ولأنى اعترضت على ذلك ردوا بشتائم وزعت بالتساوى بين أهلى والقناة التى أمثلها!.. الغريب أن ذلك وقع أمام أحد لواءات الشرطة، الذى سحبنى من يدى على طريقة أولاد البلد الذين يفضون مشاجرة، ثم عاتبنى بحنان أبوى قائلا : (يابنى لما إنت شايف الدنيا مولعة قاعد هنا ليه؟!) .. تأثرت لكلمات سيادته، وقصدت بيتى، وكلى أمل أن يسعدنى الحظ بمشاهدة رائعة عبد الفتاح القصرى ( ابن حميدو)!

amroabdelhamid@hotmail.com

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button