تقرير ‘‘كوفاس‘‘ الفرنسيّة الجديد حول مستقبل اقتصادات شمال أفريقيا
أنباء انفو- تقرير جديد أصدرته مؤخرا وكالة ‘‘كوفاس‘‘ الفرنسية أبقت فيه تصنيف الأخطار السيادية لاقتصادات شمال أفريقيا على درجة ‘‘مستقر‘‘، وتراوحت بين ‘‘إيه 4 ل‘‘ للمغرب و ‘‘إيه بي‘‘ للجزائر، و ‘‘بي بي‘‘ لتونس و ‘‘بي سي‘‘ لمصر و ‘‘دي دي‘‘ لليبيا.
وأشارت الوكالة الفرنسية لضمان الصادرات إلى ‘‘تفاؤل حذر بمستقبل المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر‘‘، التي انطلق منها الحراك الاجتماعي العربي.
وتشمل التصنيفات أخطار تمويل التجارة العالمية ومناخ الأعمال والمديونية الخارجية والاحتياط النقدي والعجز المالي.
وأفادت الوكالة بأن الأوضاع الاقتصادية «تعرف تفاوتاً في حجم الأخطار ونسب النمو والعجز المالي». وفي حين تتحسن الأوضاع في الدول المستوردة للطاقة مثل المغرب وتونس ومصر، «ستتفاقم في الدول المصدرة للنفط والغاز، خصوصاً الجزائر وليبيا، بسبب استمرار تراجع العائدات الخارجية وكلفة نفقات دعم أسعار التجزئة، إضافة إلى الأوضاع الداخلية غير المساعدة».
- أنباء انفو- الحياة
الجزائر: تراجع الأوضاع المالية
وأشارت إلى أن تراجع الأوضاع المالية في الجزائر «تفاقم نحو 10 في المئة في النصف الأول من السنة، نتيجة انخفاض إيرادات الدولة من الطاقة واستمرار كلفة الواردات من مواد التجهيز والسلع الغذائية». وتوقعت أن يسجل النمو الاقتصادي في الجزائر «تباطؤاً واضحاً نظراً إلى الاعتماد على عائدات الطاقة التي ستتراجع تحت تأثير تدني الأسعار الدولية وحجم الصادرات من الغاز». ورجحت أن «يرتفع عجز الحساب الجاري إلى 15.7 في المئة، والمديونية العامة إلى 13.6، فيما يقترب عجز الموازنة العامة من 13 في المئة من الناتج الإجمالي نهاية هذه السنة».
وتشكّل عائدات الغاز 36 في المئة من الناتج الإجمالي و97 في المئة من الموارد الخارجية، ما يضغط على موارد «صندوق ضبط الإيرادات» الذي يختزن الاحتياط السيادي للنقد الأجنبي. وكان الاحتياط يغطي واردات السلع والخدمات مطلع السنة وعلى مدى يزيد عن سنتين، قبل تراجع الإيرادات بنسبة 23.7 في المئة.
ولاحظت الوكالة «ازدياد الأخطار السيادية في الجزائر مع تدني المداخيل وارتفاع النفقات، في مقابل الزيادة في عدد العاطلين من العمل الشباب واستمرار البيروقراطية الإدارية وتراجع مناخ الأعمال، فضلاً عن اقتصاد الريع النفطي ومرض الرئيس». وتستعد الجزائر لاقتراض 20 بليون دولار ورفع الضرائب، وتقليص الدعم لخفض العجز، وفقاً لمسودة مشروع الموازنة الجديدة.
تونس: تحسّن بطيء
وفي تونس، تتحسّن الأوضاع الاقتصادية ببطء بعد فترة حرجة تلت الاعتداءات الإرهابية على مواقع ثقافية وسياحية، في بلد يعتمد على السياحة لاستقطاب العملة الأجنبية. وساعد الإنتاج الزراعي وتراجع أسعار الطاقة واستمرار الطلب الداخلي في لجم العجز المالي، الذي بلغ 6.2 في المئة في الموازنة و6.4 في المئة في الحساب الجاري، فيما ارتفع الدَين العام إلى 55 في المئة من الناتج الإجمالي. ويستعد صندوق النقد الدولي للمصادقة على خط ائتماني جديد بـ1.7 بليون دولار قبل نهاية السنة، لمواجهة ضعف النظام المصرفي المحلي الذي يشهد نقصاً في السيولة.
واعتبرت «كوفاس» أن تونس «ماضية في طريق التحسن الاقتصادي على رغم الصعوبات، بفضل القرب الجغرافي من الاتحاد الأوروبي وتنوّع الصادرات مثل الفوسفات والزراعة والغاز والسياحة». ويُتوقع أن يسجل الاقتصاد نمواً نسبته 2.5 في المئة العام المقبل.
في مقابل ذلك، تزداد معدلات بطالة الشباب وأخطار الأمن على السياحة والاستثمارات، إضافة إلى خطر الفوارق بين المناطق الفقيرة في الجنوب والوسط، والغنية في الشمال وعلى السواحل.
أما الاقتصاد المغربي، فيبدو في وضع أفضل وهو مرشح لتحقيق نمو يزيد عن 4.5 في المئة وفقاً لـ «كوفاس»، مستفيداً من «تراجع كلفة واردات الطاقة ومن موسم زراعي جيد، أفضى إلى تقليص واردات الغذاء نحو الثلث. كما ساهم الاستقرار الاجتماعي والإصلاحات السياسية في استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وفي تحسّن الاحتياط النقدي الخارجي. ورأت «كوفاس» أن تحويلات المغتربين وعائدات السياحة «ستغطي عجز الميزان التجاري الذي سينخفض إلى 3.3 في المئة من الناتج الإجمالي، وعجز الموازنة إلى 4.3 في المئة، فيما يستقر التضخم على 1.5 في المئة نهاية السنة».
وصنّفت «كوفاس» الاقتصاد المغربي في المرتبة الأولى في شمال أفريقيا، استناداً إلى الموارد الطبيعية وتنوع الإنتاج وحجم الصناعة في الصادرات، فضلاً عن القرب الجغرافي وبرامج الإصلاحات التي اعتمدتها الرباط بعد دستور عام 2011».
في المقابل، يواجه الاقتصاد المغربي «زيادة في الدَين تفوق 65 في المئة وفي عدد طالبي العمل بين الشباب المتعلّم، واستمرار الفوارق الاجتماعية، وضعف التنافسية الخارجية ومناخ الأعمال. وتظل نسبة النمو المرتقب العام المقبل رهناً بأسعار النفط وكمية الأمطار، وربما يرتفع إلى 5 في المئة وفقاً لصندوق النقد الدولي، أو ينخفض إلى 2.6 في المئة وفق المصرف المركزي، استناداً إلى حجم الإنتاج الزراعي العام المقبل.
استمرار تعافي اقتصاد مصر
وعن الاقتصاد المصري، لم تستبعد «كوفاس» أن «يواصل تعافيه العام المقبل وينمو نحو 4 في المئة هذه السنة، مستعيناً بالدعم الخارجي من دول مجلس التعاون الخليجي». ورأت أن السياحة الدولية في مصر «تستعيد مكانتها، في وقت تحسن وضع القطاع الصناعي وزادت إيرادات قناة السويس والاستثمارات الخاصة، كما توسعت الاستثمارات العامة وتحسّن الطلب الداخلي على الاستهلاك». وأفضت كل هذه العوامل إلى أن «يستعيد الاقتصاد المصري نشاطه بعد فترة تأزم». لكن سيظل لفترة تحت ضغط عجز الحساب الخارجي، بسبب ارتفاع الواردات من المواد الغذائية، على رغم استفادة القاهرة من تراخي أسعار النفط الدولية».
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن «الميزان التجاري سيسجل عجزاً يزيد عن 9 في المئة من الناتج، لكن يمكن تعويضه بالفائض المسجل في الخدمات الخارجية وتحويلات المغتربين، والزيادة في عائدات السياحة وقناة السويس». ويساعد الاستقرار السياسي «في تحسّن أداء الاقتصاد المصري الذي عاود النمو»، لكنه «يشهد استمرار حالة الفقر لدى نحو 40 في المئة من السكان وارتفاع عدد العاطلين من العمل الشباب، وانخفاض الاحتياط النقدي وازدياد الدَين الخارجي المقدّر بـ90 في المئة من الناتج».
ليبيا الرجل المريض
وتُعتبر ليبيا الرجل المريض في شمال أفريقيا بسبب «أوضاعها الأمنية المتردية»، ويتوقع أن يزيد عجز الموازنة عن 30 في المئة من الناتج الإجمالي، ويقترب عجز الحساب الجاري للمدفوعات من 21 في المئة، نتيجة النقص في إيرادات النفط التي تمثل 70 في المئة من الناتج المقدر بنحو 50 بليون دولار، في بلد يقل سكانه عن سبعة ملايين. وتُقدر صادرات ليبيا بنحو 700 ألف برميل يومياً، لكن غياب الأمن والحوكمة يفقدان الاقتصاد كل مقوماته، على رغم مخزون الاحتياط من الغاز والنفط المقدّر بما بين 76 إلى 94 سنة.
وعلى رغم تباين آفاق كل اقتصاد على حدة وصعوباته ومستقبله، يُفقد غياب التنسيق والاندماج والتكامل شمال أفريقيا نحو 2 في المئة من ناتجها الإجمالي، ويضعف مكانتها الجغرافية الاستراتيجية وتعدد مواردها الطبيعية، ويقلّص حظوظ كفاءتها البشرية في الاضطلاع بدور إقليمي أكبر، في منطقة تقع بين أفريقيا وأوروبا وبين المحيط الأطلسي والخليج العربي والشرق الأوسط.
ويقدّر حجم الناتج الإجمالي في الدول الخمس بنحو 723 بليون دولار، وبكثافة سكانية تصل إلى 174 مليون شخص عام 2014، أي ثلث سكان الاتحاد الأوروبي.