أخبار

تفجير السفارة الفرنسية فى نواكشوط بأوامر من الظواهري

أجمع المحللون الغربيون على أن عملية التفجير التي استهدفت السفارة الفرنسية في نواكشوط يوم 9 الشهر الجاري مؤشر قوي الى تصاعد عمليات “القاعدة” في منطقة المغرب العربي. وما أكد هذه الرؤية أن الخط البياني لعمليات “القاعدة” في الجزائر أبصر في الفترة الأخيرة اتجاها تصاعديا، وهناك مخاوف واسعة من أن يشكل شهر رمضان مناسبة لتصعيد التفجيرات والإغتيالات طبقا للمنهج الذي دأبت عليه هذه التنظيمات في السنوات الماضية.

وأتى التفجير الذي استهدف السفارة الفرنسية في موريتانيا تنفيذا لتحذير سابق وجهه أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم “القاعدة”، بضرب المصالح الفرنسية بسبب موقف باريس من الحجاب، استنادا إلى المركز الأميركي لرصد المواقع الإلكترونية الإسلامية.

ومن الواضح أن “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” تسعى من خلال تكثيف العمليات وتوسيع مجالها الجغرافي إلى كافة البلدان المغاربية، لتكريس موقعها المحوري بوصفها قوة المعارضة المسلحة الرئيسية في المنطقة. ورأى الإعلامي الجزائري احميدة العياشي أن الهدف المباشر لـ”القاعدة” ليس قتال اليهود والنصارى وإنما الإطاحة بالأنظمة الحاكمة لتعويضها بحكومات إسلامية وإرجاء قتال الأجانب إلى مرحلة لاحقة. وفي هذا السياق تستفيد “القاعدة” من مناخ عدم الإستقرار والتوتر لكسب مزيد من الإهتمام بها وخاصة لاستقطاب الإعلام.

وسبق لأمير الجماعة عبد الملك دروكدال أن أكد في حديث نادر أدلى به لصحيفة “نيويورك تايمز” في صيف العام الماضي، أنه يسعى لوضع تنظيمه في موقع محوري داخل الجزائر وكذلك في الخارج أي في علاقة مع القوى الدولية المؤثرة في المنطقة. واعتبر الخبير التونسي في الشؤون الدولية احميدة بن رمضان أن تنظيم “القاعدة” لن يصل أبدا إلى الحكم إن كان في المغرب العربي أم في سواه من المناطق، لسبب بسيط هو أن التاريخ أثبت أن أي حركة إرهابية، أي تلك التي تستخدم العنف المنهجي ضد المدنيين الأبرياء من أجل غايات سياسية، لم تنجح في الإطاحة بنظام قائم والحلول محله، بالنظر إلى أن وسائلها تعزلها بسرعة وتقطعها عن المدد الشعبي الذي هو ضروري لأخذ الحكم.

وأضاف بن رمضان الذي يعمل رئيسا للقسم الدولي في صحيفة “لابراس” اليومية التونسية، أن “القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي” يمكن أن تغذي بأعمالها نشرات الأخبار طيلة سنوات، لكنها حركة ضعيفة مقارنة بـ”الجماعة السلفية المسلحة” التي برزت في تسعينات القرن الماضي مثلا، فهي نفذت بعض العمليات المثيرة على غرار التفجيرات التي استهدفت مقرات حكومية أو مكاتب للأمم المتحدة في الجزائر العاصمة، وقامت بهجمات جسورة على قوافل عسكرية، غير أن نشاطها المسلح يبقى ظاهرة هامشية ولا يهدد أي بلد من البلدان الخمسة الأعضاء في الإتحاد المغاربي”.

توزيع جديد للأدوار

واعتبر محللون عسكريون جزائريون أن العمليتين اللتين وقعتا في برج بوعريريج وتيبازة الشهر الماضي، مؤشر مهم الى توزيع أدوار جديد في تنظيم “القاعدة”. والجدير بالذكر في هذا المضمار أن الأمن الجزائري حدد خمس مناطق كبرى لانتشار ما يُطلق عليه “الإرهاب”، بعدما توصلت أجهزة الإستخبارات أخيرا إلى تأكيد معلومات تتصل بإعادة انتشار الجماعات المسلحة عبر الولايات والمناطق، وبإحداث تغييرات في توزيع الأدوار بين قيادييها وعناصرها. واعتبرت المصالح المتخصصة في محاربة “القاعدة” أن تلك التطورات تشير الى نفس جديد في نشاط التنظيم.

وكانت عناصر “القاعدة” زحفت في مطلع الشهر الجاري على مواقع “حماة الدعوة السلفية” التنظيم المنافس لها في غرب البلاد، وأعلنت معمر صوان مسؤولا جديدا في الغرب، حاسمة بذلك التناحر بين التنظيمين ومكرسة نفسها التنظيم المسلح الوحيد النشط في شرق البلاد وغربها. وفي هذا السياق حرصت على إعلان تبنيها لعملية استهدفت قافلة للجيش في تيبازة، بعدما حامت شكوك قوية حول احتمال وقوف “الحماة” وراء العملية.

ونفذت “القاعدة” في الفترة الأخيرة أيضا عملية في موريتانيا أحدثت من الفرقعة الإعلامية أكثر مما أوقعت من الضحايا من خلال العملية الإنتحارية التي استهدفت السفارة الفرنسية ولم تسفر الا عن جرح ثلاثة اشخاص يوم 8 الشهر الجاري، أي بعد ثلاثة أيام على انتقال مقاليد الحكم الى الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي تعهد بمكافحة الإرهاب. وأتت العملية بعد ستة أسابيع على اغتيال مواطن أميركي في حي القصر في العاصمة نواكشوط، وهي عملية تبنتها “القاعدة”.

وحققت “القاعدة” هدفا تكتيكيا آخر بجر حكومة مالي إلى مقايضة مُلفتة في الفترة نفسها إذ استجابت حكومة الرئيس أمادو توماني توري من جديد لضغوط فرع ”القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” في الصحراء والساحل الإفريقي، وقبلت بصفقة لتبادل الأسرى أفرجت “القاعدة” بموجبها عن ثلاثة جنود ماليين كانت اختطفهم قبل فترة في اشتباكات مع الجيش المالي. وتكتمت باماكو على طبيعة الصفقة لقاء الإفراج الذي تم في منطقة قريبة من تومبوكتو، إلا أن مصادر إعلامية جزائرية رجحت إطلاق النظام المالي بدوره ثلاثة سلفيين جهاديين ينتمون للتنظيم كانوا معتقلين لديه ولم يُكشف عن أسمائهم.

ورأت الباحثة في “مركز الدراسات والأبحاث الدولية” الفرنسي CERI سلمى بالعالة أن الهدف الأخير للتنظيم هو البرنامج نفسه الذي كان لتنظيم الإخوان المسلمين وسائر الحركات الإسلامية والمتمثل في “أسلمة الدولة والمجتمع على السواء”. غير أنها أكدت أن إيصاد الأبواب الشرعية أمام التيارات الإسلامية السياسية يُغذي التطرف، مستدلةً بالتجربة الجزائرية بين 1992 و1995 والتي قالت إنها اتسمت بإقبال النشطاء الإسلاميين الراديكاليين على الإنخراط في “الجماعة الإسلامية المسلحة” في أعقاب حظر “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”.

واعتبرت بالعالة المتخصصة في دراسة الحركات الأصولية أن خط التباين الأساسي داخل التيار الإسلامي يرتسم بين الذين اندمجوا في اللعبة السياسية الشرعية ضمن الإطار القطري والذين لجأوا للعنف الإرهابي وانتهجوا طريق “الجهاد الشامل” على الصعيد الدولي. بهذا المعنى نفهم توسيع دائرة “الحرب الجهادية” التي تشنها “القاعدة” بزعامة عبد الملك دروكدال الملقب بأبي مصعب، إلى البلدان المحيطة بالجزائر، وخصوصاً التي تُعتبر حدودها مكشوفة مثل موريتانيا ومالي والنيجر.

– أنباء – تلفزيون نابلس

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button