أخبار

تنظيم ”القاعدة” يوظف أوراقا خاسرة في موريتانيا

تترقب السلطات الجزائرية باهتمام كبير، الطريقة التي ستتعامل بها نواكشوط مع شروط ”القاعدة” بخصوص الإفراج عن الرهينتين الإيطاليين. فهل سيخضع الرئيس محمد ولد عبد العزيز لابتزاز التنظيم كما فعل نظيره المالي أمادو توماني توري؟ وهل ستمارس إيطاليا ضغوطا على الموريتانيين كما فعلت فرنسا على الماليين لحملهم على الإذعان لمساومات أتباع أسامة بن لادن؟

انتهت في منتصف الليل من الأحد 28 فبراير، المدة التي حددها تنظيم ”القاعدة” لإعدام الإيطالي سيرجيو سكالا دون أن يحقق مطلبه الرئيسي المتمثل في إطلاق سراح أربعة من نشطائه معتقلين في موريتانيا. وعلى خلاف قضية الرهينة الفرنسي السابق بيار كامات، لم تشهد موريتانيا حركية دبلوماسية أجنبية مثلما شهدته مالي. وعلى عكس فرنسا التي مارست نفوذها القوي على مستعمراتها السابقة لإجبارها على قبول شروط الإرهاب، اكتفت إيطاليا بمساع واتصالات في الميدان داخل موريتانيا لإنقاذ حياة رعيتيها المخطوفين في ديسمبر الماضي.

وتتوفر معطيات كثيرة تفيد بأن سلطات موريتانيا لن تتعاطى إيجابيا مع شروط الخاطفين، أهمها على الإطلاق، الاحتجاج القوي الذي بلّغته لمالي بسبب الإفراج عن موريتاني ضمن المعتقلين الأربعة الأسبوع الماضي، في مقابل فك أسر كامات. فمن غير المتوقع، حسب جهات أمنية جزائرية تتابع أزمة الرهائن، أن يأتي الرئيس ولد عبد العزيز بشيء استهجنه قبل أيام قليلة. وهناك معطى آخر يتصل بالصورة التي سوّقها الرئيس الموريتاني عن بلاده منذ الأيام الأولى التي أعقبت الانقلاب العسكري صيف 2008، فقد تعهد بالتشدد مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وتفكيك ”الوعاء” السلفي الجهادي الذي ينوب عنه في موريتانيا.

والأهم من ذلك أن موريتانيا بالذات لها حسابات قديمة مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي ارتدت عباءة القاعدة، بسبب الخسائر التي كبّدتها للجيش الموريتاني في السنوات الخمس الماضية، فضلا عن الاغتيالات التي راح ضحيتها أجانب على أرض موريتانيا وبأيدي عناصر نفس التنظيم. وفي حال أفرجت موريتانيا عن الأشخاص الأربعة، فسوف تكرس انطباعا كوّنته عنها دول المنطقة ومن خارج المنطقة، مفاده أن موريتانيا قد تكون أول دولة تقام بها الإمارة الإسلامية التي تسعى إليها ”القاعدة”. ويدرك ولد عبد العزيز جيدا، أن خطوة شبيهة بما فعله توري ستعرَضه لغضب الجار الشمالي القوي بنفوذه في المنطقة. وإذا استمات في موقفه الرافض الإذعان لشروط الإرهاب، سينتفع من دعم الجار نفسه الذي يتعامل معه ببرودة منذ الانقلاب.

ويعي ولد عبد العزيز مدى حاجة نظامه لعلاقة مستقرة مع الجزائر خاصة في ظل شبه عزلة دولية يعيشها، وبعد تدهور علاقته مع مالي الذي يمثل عمقا حيويا بالنسبة له. ويعرف نظام الرئيس الموريتاني أنه في غنى عن أي تصرف يزيد من حدة عقدة الشرعية التي يعاني منها منذ الإطاحة بالرئيس عبد الله ولد سيدي الشيخ.

وعلى صعيد الضغوط الخارجية التي شهدتها منطقة الساحل في أزمة الرهائن الحالية، يتفق الكثير ممن يعرفون الساحل جيدا، بأن مالي ليست كموريتانيا لعدة أسباب. أولها أن لفرنسا نفوذا قويا على باماكو، ولديها مصالح تجارية وجالية تتكون من بضعة آلاف رعية، وهي عناصر تجعلها لاعبا أساسيا في هذا البلد الذي يعتبر من أكثـر البلدان فقرا في العالم. وثانيها تلاحق مالي سوابق في موضوع الخضوع لشروط القاعدة، حيث أفرجت عن أربعة سلفيين في 2008 نظير إطلاق سراح دبلوماسيين كنديين.

أما في الطرف المقابل لا تملك إيطاليا نفوذا يذكر في موريتانيا، ولا يوجد بها مسؤولون لديهم الاستعداد للخضوع لضغوط مفترضة من روما، يمكن أن تؤدي إلى إجبارهم على قبول شروط التنظيم الذي يحاربونه.

– الخبر (الجزائرية)

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button