أخبار

سوناطراك الجزائرية “تبيع” ممتلكاتها في موريتانيا بسبب الإفلاس

يشرع فرع إدارة الاستثمارات الدولية لسوناطراك الجزائرية ، يوم الأربعاء القادم، في بيع 90 محلا تجاريا في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط ، ومحطة بنزين في وسط المدينة تسع أكثر من 36 ألف لتر، وقطعة أرضية أخرى تتربع على مساحة 1800 متر مربع.

وتشكل الحصص الثلاث المجموعة الأولى من الأملاك العقارية والمنقولة العائدة للفرع الموريتاني لشركة “نافتاك” لنقل وتوزيع المواد البترولية، التي يجري عرضها للبيع، تجسيدا لقرار سابق اتخذته الحكومة بسحب الاستثمارات الجزائرية في موريتانيا، وتصفية الأصول والأملاك الناتجة‭ ‬عنها،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬والديون‭ ‬المالية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬أثقلت‭ ‬كاهلها‭ ‬وقادتها‭ ‬إلى‮ ‬حافة‭ ‬الافلاس‭. ‬
وتأتي هذه الخطوة أيضا بعد قرار إعادة إدماج فروع واستثمارات “نافتاك” في المؤسسة الأم “سوناطراك”، وورثت هذه الأخيرة بذلك أغلبية الأسهم في موريتانيا، في 104 محطة وقود، تتوزع على العاصمة نواكشوط وكبريات المدن، فضلا عن العشرات من الأملاك العقارية والمنقولة، منها‭ ‬محلات‭ ‬تجارية‭ ‬وقطع‭ ‬أرضية‭ ‬ومكاتب‭ ‬إدارية‭ ‬وسيارات‭. ‬
وتملك الجزائر من الفرع الموريتاني لنافتاك نسبة51٪ من الأسهم، وتملك منها الدولة الموريتانية نسبة 34٪، بينما يملك منها رجلا أعمال موريتانيان بالتناصف نسبة 15٪، كما تملك الجزائر 33 ٪ من أسهم شركة توزيع الغاز الموريتانية “سوماغاز”، ويملك رجال أعمال خواص مثلها،‭ ‬مقابل‭ ‬34‭ ‬٪‭ ‬للدولة‭ ‬الموريتانية،‭ ‬وكانت‭ ‬‮”‬سوماغاز‮”‬‭ ‬تهمين‭ ‬على‭ ‬95‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬غاز‭ ‬البوتان‭ ‬الموجه‭ ‬للاستهلاك‭ ‬المنزلي،‭ ‬حين‭ ‬قررت‭ ‬الجزائر‭ ‬الانسحاب‭ ‬منها‭ ‬وتصفية‭ ‬أسهمها‭.‬‮ ‬
حققت نافتاك أرباحا هامة خلال السنوات العشر الأولى من عمرها، وبقيت تسيطر على أكثر من 70 ٪ من السوق الموريتانية، لكنها بدأت منذ العام 2005 في مسار انهيار متسارع، هبط بحصتها قبل قرار تصفيتها إلى أقل من 19 ٪ من السوق الموريتانية، لصالح مؤسسات خاصة منافسة، جاءت بعدها إلى السوق، فضلا عن ارتفاع حجم ديونها لدى البنوك إلى أكثر من 5 مليارات أوقية موريتانية ( 150 مليار سنتيم) عجزت عن تسديدها، بحسب مجموعة من الوثائق المالية والإدارية تكشف عن مديونية المؤسسة وتطور حصتها في السوق.

وتكشف ذات البيانات عن الأسباب التي أوصلت المؤسسة إلى ما هي عليه، بداية من تخلف الحكومة الموريتانية عن سداد ديون متراكمة عليها لصالح “نافتاك” تجاوزت 2 مليار أوقية (60 مليار سنتيم ) هي مستحقات عشرات الآلاف من وصلات حكومية واجبة السداد، استلمتها محطات نافتاك من‭ ‬أشخاص‭ ‬وهيئات‭ ‬مقابل‭ ‬تزويدهم‭ ‬بحاجياتهم‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬والمحروقات،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬تحصيل‭ ‬قيمتها‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭. ‬
ولأجل مواجهة الأعباء المالية التي فرضها عليها هذا الوضع، وحتى تضمن استمرار محطاتها في تزويد الزبائن بالوقود، لجأت الشركة إلى تغطية عجزها المالي بالاقتراض من بنوك خاصة، كان أبرزها “البنك الموريتاني العام” المملوك بدوره لأحد مساهمي نافتاك، وهو رجل الأعمال الموريتاني‭ ‬محمد‭ ‬ولد‭ ‬بوعماتو،‭ ‬والذي‭ ‬يملك‭ ‬أيضا‭ ‬أغلبية‭ ‬أسهم‭ ‬إحدى‭ ‬مؤسسات‭ ‬توزيع‭ ‬المحروقات‭ ‬الكبرى،‭ ‬المنافسة‭ ‬لـ‭ ‬‮”‬نافتاك‮”‬‭ ‬في‭ ‬موريتانيا،‭ ‬أسسها‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬‮”‬توتال‮”‬‭ ‬الفرنسية‭.‬
وقبل إعلان تصفية الاستثمارات الجزائرية، اتهمت مفتشية المالية في موريتانيا، محمد ولد بوعماتو، بتعمد تفليس شركة “سوماغاز” الموريتانية لتوزيع الغاز، التي تملك الجزائر بدورها ثلث أسهمها، وقررت تصفيتها، وظل بنك ولد عماتو يضمن لـ”سوماغاز” توفير السيولة مع نسبة فائدة‭ ‬عالية،‭ ‬تزيد‭ ‬بأضعاف‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يرخصها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الموريتاني‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭. ‬
ووسط هذا بقي السؤال الأكبر مطروحا: ماذا كان يفعل المسيرون والمسؤولون الذين ترسلهم “نافتاك” إلى موريتانيا وتدفع أجورهم بالعملة الصعبة، لأجل منع المؤسسة من الوقوع في هذا المأزق، وإنقاذ أحد أهم وأكبر معالم الحضور الاقتصادي والاجتماعي الجزائري في موريتانيا، البلدان‭ ‬اللذان‭ ‬يعتبر‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منها‭ ‬امتدادا‭ ‬للفضاء‭ ‬الحيوي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬للآخر؟‭ ‬

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button