مقالات

إن الدول لا تبنى بالتسليم بالأمر الواقع

بقلم :محمد ولد باباه ولد ديداه ـ اسبانيا
mohamedoulddeidah@yahoo.es

يعتقد الكثيرون من ابناء هذا البلد أن الأزمة الحالية التى نعيشها أزمة مدمرة افتعلناها بأنفسنا دون ان نحكم العقل ونؤمن بالحوار, إلا اننى اؤمن ايمانا راسخا أنها ضرورية لهذه المرحلة من تاريخنا المعاصرخصوصا وتاريخ المنطقة عموما لترسيخ العدالة الإجتماعية وضمان حرية التعبير والإختيار الحر وسد الباب أمام الإنقلابات فى المستقبل , فالدول لاتبنى بالخضوع ولا بالخنوع والتسليم بالأمر الواقع كما يدعو إليه بعض ساستنا أوسفاسفتنا اليوم وإنما تبنى بالإحتكاكات والتضحيات والنضال المستمر مادامت هناك وسيلة لذالك .

فجميع دول العالم المتقدم اليوم تعيش فى أزدهار مابعد الأزمات بل والحروب أجارنا الله منها
وهذا شيء طبيعي فى صعود الدول وتقدمها ودليل على مستوى الوعي لشعوبها , وقد مرت به الولايات المتحد ة الآمريكية منذ ما يربو على قرنين من الزمن وكذالك فرنسا بل وجميع اوروبا قبل النهضة الحديثة التى تعتبر مثالا للرفاه الإجتماعي وآخرها اسبانيا التى شهدت فى القرن الماضى حربا اهلية مدمرة وحكما دكتاتوريا تجاوز الأربعين سنة , وهاهي فى غضون ثلاثين سنة بعد ذهاب ذالك الحكم وإنشاء حكم ديمقراطي على أنقاضه وإدراكها لقيمة الأمن والإستقرار بعد تلك الأزمات والقلاقل تصل الى مصاف الدول المتقدمة والغنية فى فترة وجيزة جدا .

فلولم تقف شريحة كبيرة من أبناء هذا الوطن فى وجه الجنرال المغتصب واعوانه لما فكر هذا الجنرال ولا فكر اعوانه فى تقديم أي شيء لكسب ودنا كما فعلت مختلف الأنظمة التى سبقته , والتى استقبلت بالورود وأنشدت من الأشعار والأنثار مالم تنشده شنقيط فى تاريخها كله .

وقد ينخدع البعض ممن يؤمن بالمظاهر دون التمعن فى الورائيات بمظهر الإصلاح الذى يظهر به الجنرال الآن واعرابه الأشد كفرا ونفاقا .
هذا الإهتمام الذى شمل عدة مرافق اساسية ,من تعليم وصحة وخفض أسعارلمواد أساسية وتقرب من المواطن , والإستماع لمشاكله والتسريع فى حل هذه المشاكل , واستخدام ذلك الخطاب العمري فى عدالته وحزمه , كلها مشاكل بدأت الطغمة الحاكمة الآن تبحث لها عن حلول رغم شح مصادر التمويل وحرجية المرحلة , وانشغال الأذهان بماهو مفروض من عقوبات وماهو فى الطريق آت .

فمن أجل كسب ود المواطن الموريتاني البسيط وتجنيده ضد اؤلائك الذين آمنوا بالمبدإ وكفرو بالطاغوت أمر الجنرال ـ وهذا يخدم الجميع ـ بشراء تلك الأجهزة الطبية لأهم مستشفيين عندنا و نحن فى أمس الحاجة لها والتى كان مواطنونا يقطعون آلاف الكيلو مترات ودفع تكاليف باهظة للوصول إليهما , مع العلم أن سعر الواحد منها لا يتجاوز مأئة مليون أوقية بينما ميزانية مدير ديوان الرئيس المخصصة لأقلام الرصاص والأوراق تتجاوز المليار أوقية , ناهيك عن الميزانيات الأخرى التى تذهب فى خبر كان , فلولى ذالك الموقف النبيل للبعض, لما فكرالجنرال فى تقسيم” الكزرات “و”الكبات ” التى تلاعبت بها مختف الأنظمة والتى كان الجنرال ومن على شاكلته يشكلون عمودها الفقرى ولبقي الحي الساكن ساكنا , ثم توسيع شبكة المياه فى مدينة كيفة ثانى اكبر المدن بعد العاصمة انواكشوط ودراسة توسعة فى العاصمة علها تساعد فى حل بعض مشاكل المياه التى يعانى منها المواطنون .

كل هذا حدث والمساعدات مقطوعة و فى شهرين ونصف فقط وقد عجزت الأنظمة السابقة عن تحقيقة فى سنين عديدة وفى فترة توفر السيولة

هذه الإنجازات وغيرها مما يمكن أن يتحقق فى المستقبل تحسب بالدرجة الأولى للمعارضين للعسكر ولا تحسب للعسكر ولا لمؤيديه .
فلو أيد هؤلاء الشرفاء الإنقلابيون تأييدا أعمى كما فعل من أعمى الله بصيرته لكانت هذه الأموال وغيرها تصرف الآن على حملات اللحلحة والتملق كما تعودنا سابقا ولرجعنا إلى نفس المربع الذى انطلقنا منه .

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button